قيل: لأنه لا يخلو أن يكون الواجب عليه اعتقاد العموم قطعًا أو اعتقاد الخصوص قطعًا، أو اعتقاد كونه خاصًا عامًا، أو اعتقاد كونه لا خاصًا ولا عامًا، أو اعتقاد كونه عامًا متجردًا. وجواز كونه مخصوصًا مقرنًا.
فإذا بطلت الأربعة الأقسام. وقسمان منها متفق على فسادهما، وهو وجوب كونه عامًا خاصًا، أو لا عامًا ولا خاصًا. وقسمان منها قد أفسدناهما، وهو اعتقاد العموم مطلقًا، أو الخصوص، لأنه قد وضع في عقولنا جواز تجرده وجواز إقرانه، ولم نقف على ذلك إلا بالبحث والطلب فلم يبق وراء ذلك إلا ما قلناه.
فصل: فإن قال قائل: وكم مدة الاجتهاد في البحث عن تجرده أو اقترانه بما يخصه؟.
قيل: ليس لذلك حد مقدر. وإنما يجب على العالم أن يبحث وينظر حتى يعلم قطعًا أنه متجرد أو مقترن، أو يغلب ذلك على ظنه ويبذل في ذلك وسعه وجهده. فإذا فعل ذلك وجب عليه القضاء إما بتجرده إن علم ذلك أو ظنه أو مقترنًا. ومدة الطلب لذلك وحصول الظن له أو العلم به، يختلف بحسب اختلاف طباع العلماء وقرائحهم وذكائهم واستدراكهم وبطء بعضهم.