وقوله:{والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} يراد به اقطعوا يد كل أحد منهما.
قالوا: وقوله {عَسَى اللَّهُ أَن يَاتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} إنما أراد به يوسف وأخاه والأخ الأكبر المتخلف عن العود إليه.
وقوله:{وكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} فإنما المراد به حكمهما وحكم من حكما عليه ممن حضرهما.
وقوله:{وإن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} فإنما قال ذلك، لأن الطائفتين جماعتين، وهم جمع على الحقيقة، فإذا ذكروا بذكر الطائفتين عُبر عنهما بلفظ الاثنين.
فيقال لهم: جميع ما قلتموه في هذه الآيات من التخريج تعسف وترك لموجب الظاهر، لأن ظاهر الكلام أن لا ثالث مع كل اثنين ذكرا في هذه الآيات، فإدخالكم في الظاهر ما لم يذكر فيه مطرح، لأنه لا توقيف عن أهل اللغة على أن الاثنين لا يجري عليهما اسم الجمع حقيقة، وإنما يجري مجازًا فيلجئ توقيفهم على ذلك إلى بطلان التأويلات التي تعسفتموها، ولا حجة للعقل تحيل إجراء اسم الجمع في أصل الوضع على الاثنين لجريانه على ما زاد عليهما، وإذا كان ذلك كذلك سقط ما قلتموه.
وما قلتموه في قوله:
{وإن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ}، وأن الطائفتين جماعتان باطل من وجهين: أحدهما دعواكم أن الطائفة لا تكون إلا جماعة، وليس الأمر كذلك، لأن الواحد من كل شيء طائفة منه. ولهذا استدل كثير من الناس على وجوب العمل بخبر الواحد بقوله تعالى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ} قال: والواحد من الفرقة طائفة.