مقامه من استقراء لكلامهم يعلم به قصدهم اضطراراً، ولو كان عنهم في ذلك توقيف لكان لا يخلو أن يكون متواتراً معلوماً صحته ضرورة أو بدليل، أو من أخبار الآحاد التي لا يعلم صحتها، ومحال أن يكون فيه تواتر من الأخبار مع جحد أكثر الناس لذلك.
وكذلك فلا خبر فيه دل دليل من الأدلة التي قدمنا ذكرها في غير بابٍ على صحتها صحة الأخبار وإن كان المخبر عنهم بذلك مخبراً عن الآحاد. وقد بينا بغير وجه سلف فساد إثبات لغة يقطع بها على الله عز وجل، ويحمل عليها كتابه تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأحكام دينه المعلومة بأخبار الآحاد، على ما بيناه قبل هذا بما يغني عن إعادته. وإذا لم يثبت في ذلك رواية وتوقيف على معاني الكلام في لغتهم سقط ما قالوه.
فإن قيل: ما معنى قولكم او ما يقوم مقام التواتر بتوقيفهم مما يعلم قصدهم به عند استقراء كلامهم.
قيل: ومثل علمنا بأن مرادهم بقوله ضروب وقتول وأمثاله مراد به تكثير المضاف إلى المذكور من القتل والضرب. وقيل: تكثير الفعل. وما ٤٨٤ قلناه/ أولى. ومثل قولم أعلم وعليم، وأقدر وقدير، وأجسم وجسيم، لأننا بالضرورة نعلم أن قصدهم بقوله أجسم وجسيم، وأقدر وقدير المبالغة والتفضيل في الصفة.
وقد قالوا لنا: إن معنى المبالغة في الاسم مأخوذة من معنى الاسم فعلم أن القول قاتل وضارب وجسيم مفيد للضرب والقتل والتأليف.