وأجيب: بأن المشرع إذا وضع حكمًا فلابد أن يضع له اسما يعرف الناس هذا الحكم، ليميزه عن غيره، فصار ذلك عائدًا إلى الأحكام.
٢ - إن لفظ "الصلاة" لم يكن مستعملًا في اللغة لمجموع الأفعال الشرعية كالركوع والسجود والتسبيح والتكبير والقعود والنية وغيرها، لأن أهل اللغة لم يكونوا يعرفون هذه الصلاة ولا شروطها وأركانها، ثم صار اسم الصلاة اسما لمجموع هذه الأفعال، حتى لا يعقل من إطلاق اسم الصلاة سواها. فيكون بذلك نقلها المشرع إلى استعمال جديد.
واعترض الباقلاني على هذا الدليل بأن الصلاة أطلقت على جميع هذه الأفعال، لأن الصلاة في اللغة بمعنى الإتباع، فالتالي للسابق يسمى مصلٍ لأنه تالٍ له، وكذلك المأموم متبع لفعل الإمام ومقتفٍ أثره.
وأجاب المعتزلة أنه يلزم على ذلك أن لا تسمى صلاة المنفرد صلاة، وهو مخالف لإجماع الأمة، وكذلك السنة التي ورد فيها تسمية صلاة المنفرد صلاة.
واعترض الباقلاني - أيضًا - بأن الصلاة سميت صلاة للدعاء الذي فيها. ولذا لم تنقل الصلاة في الشرع، بل بقيت في معناها الذي وضعت له، وهو الدعاء.
وأجاب المعتزلة عن هذا الاعتراض بأنه إذا قصد الباقلاني من كلامه أن لفظ الصلاة تطلق على جملةٍ من الأفعال التي تتألف منها الصلاة لأن فيها دعاء فقد سلمتم بما نريده من إفادة الاسم لما لم يكن يفيده في اللغة. وإن قصدتم أن اسم الصلاة واقع على الدعاء، فذلك باطل، لأن المفهوم من لفظة "صلاة" جملة الأفعال. لأننا نفهم من قولكم فلان خرج من الصلاة إذا فرغ من أفعالها، وإن كان متشاغلاً بالدعاء.