ويلزم على قولكم أن الصلاة هي الدعاء أن صلاة الأخرس لا تسمى صلاة لأنه لا دعاء فيها. ويلزم - أيضًا - أن المصلي إذا أخل بالقراءة والركوع والسجود أن يقال إنه قد صلى.
ويرد على هذين الإلزامين بعدم صحتهما. وهو أن صلاة الأخرس فيها دعاء، ولا يلزم النطق في الدعاء. ويبطل الإلزام الثاني، لأننا لا نقول بصحة الصلاة بدون شروطها"
٣ - كان لفظ الصوم يفيد في اللغة الإمساك عمومًا سواء كان عن الكلام كقوله تعالى:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} أو الأكل والشرب ليلًا أو نهارًا، وأصبح يفيد في الشرع إمساكًا مخصوصًا.
وكذلك لفظ "الزكاة" يفيد في اللغة النماء. ثم جعل في الشرع اسم لإخراج جزء من المال طهرة له. وهو في الحقيقة نقصان وليس بزيادة.
وكذلك "الحج" في اللغة القصد مطلقًا. وفي الشرع هو قصد البيت الحرام، مع الوقوف والإحرام والطواف.
فالشرع في جميع هذه الألفاظ تصرف بنقلها إلى معان غير معانيها اللغوية.
وأجاب الباقلاني - رحمه الله - أن هذه الألفاظ بقيت في معانيها اللغوية ولم تنقل، ولكن شرط المشرع في كونها مجزئة شروطًا آخر تنضم إليها، فالمشرع تصرف بوضع الشرط لا بتغيير الوضع. ولم يسلم الباقلاني بأن الشرع أحدث عبادة لم يكن لها في اللغة اسم.