٤ - نقل أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع (٣٠) عن أبي علي الجبائي بأنه استدل لوقوع النقل بأن المشرع شرع عبادات ذات أركان وهيئات، ولم يكن لها اسم في اللغة، لذا دعت الحاجة إلى وضع أسماء لها تتميز بها عن غيرها، وكان أولى الأسماء بها ما ثبت له عرف في الشرع، وكثر استعماله فيه. وصار هذا بمنزلة أرباب الصناعات في صناعتهم إذا استحدثوا آلات وأدوات لم يكونوا وضعوا لها أسماء تتميز بها عن غيرها. لحاجتهم إلى ذلك، وعلى هذا وضع الأسامي في اللغات، فكذلك هنا.
والباقلاني يرد على هذا الدليل بعدم التسليم بإحداث الشرع عبادة لم يكن لها اسم في اللغة، كما تقدم.
والذي يجيب به أصحاب القول الوسط عن أدلة المعتزلة. بأنهم يسلمون بتصرف المشرع في استعمال الألفاظ، وذكر الرازي في المحصول أن استعمال المشرع وتصرفه من باب التجوز، فأصبحت الألفاظ مجازات لغوية. ومن المعلوم أن التجوز لا يكون إلا بعلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى الجديد. فالمشرع لما اختار لفظ الصلاة ليدل على العبادة المعروفة إنما اختارها لوجود علاقة بين المعنيين، وهي أن الصلاة في الشرع فيها حقيقة الدعاء. بل الدعاء مخ العبادة، وكذلك لفظ "الصوم" يوجد علاقة بينه وبين المعنى الشرعي لأن كلًا منهما إمساك. وكذلك سائر الأسماء الشرعية. ولذا يمنعون نقل المشرع للفظ نقلًا مطلقًا بدون علاقة، كما فعل المعتزلة.