أما بغداد فقد دخلت في حكم بني بويه في الحادي عشر من جمادى الأولى سنة ٣٤٤ هـ حيث توجه إليها أحمد الابن الأصغر لبويه فدخلها وخلع الخليفة العباسي "المستكفي" على أبناء بويه الثلاثة ألقابًا فسمى عليًا "عماد الدولة" وحسنا "ركن الدولة"، وأحمد "معز الدولة وأمير الأمراء". وأمر أن تُنقش اسماؤهم على الدنانير والدراهم. ولكن معز الدولة البويهي جازى الخليفة "المستكفي" على هذا جزاء سنمار. فجرده من جميع سلطاته، وصادر أمواله، وأجرى عليه خمسة آلاف درهم يوميًا لنفقاته، ثم أجبره على التنازل عن الخلافة للمطيع لله. فعامله معاملة في غاية الإذلال والإهانة وسمل عينيه، مما يدل على حقد دفين على بني العباس خاصة، وأهل السنة عامة، لأن بني بويه من الشيعة الزيدية على مذهب الفرقة "السليمانية" نسبة لسليمان بن جرير، بل حاول أحمد معز الدولة نقل الملك للعلويين لولا أن نبهه بعض حاشيته لعواقب ذلك.
وفي سنة ٣٥٦ هـ توفى معز الدولة أحمد، فآل الأمر إلى ولده "بختيار" الملقب بعز الدولة. ولم تكن معاملته للخليفة بأحسن من سلفه، بل ضيق على الخليفة العباسي "المطيع لله" حتى اضطره إلى بيع ثيابه، وأجبره على التنازل للطائع سنة ٣٦٣ هـ. ثم حدث للطائع ما حدث لوالده على يد بهاء الدولة البويهي سنة ٣٨٢، وأجبره على التنازل للقادر بالله، الذي بقي على كرسي الخلافة خمسون عامًا.
وفي سنة ٣٦٧ هـ آل أمر بني بويه إلى عضد الدولة بن ركن الدولة فنقل مركز الدولة إلى بغداد وبقيت بغداد مركزًا للدولة إلى سنة ٣٨٩ هـ، حيث نقلها بها الدولة إلى شيراز مرة أخرى.