وليس/ من كلامهم ابتداء لا خبر له. واستثناء يتأخر عن المستثنى منه لما بيناه من قبل, فافترق الأمران.
فصل: واستدلوا- أيضا- على ذلك بأن قالوا لو جار تأخير البيان مدة ما لجاز تأخيره المدد الطويلة وذلك باطل, ولا فرق بين طول المدة وقصرها.
وهذا فاسد, لأننا نجيز تأخير بيان ما يجب بعد مدة وسنين طوال إلى حين وقته وحضور الحاجة إلى تنفيذه. فبطل ما قالوه.
ومن الناس من يدعي في إحالة تأخيره الزمن الطويل عادة في اللغة, وليس مثلها في قبح تأخيره مدة يسيرة والأول أولى.
فصل: واستدلوا- أيضا- بأنه لو جاز تأخير البيان لم يأمن الرسول صلى الله عليه وسلم من الاخترام قبل بيانه للأمة. وفيه تضييع الفرض وإزالة المحنة, وذلك غير جائز في صفته.
وهذا- أيضا- باطل, لأنه إذا أمر صلى الله عليه وسلم بتأخير بيان الخطاب, ور يؤمر بذلك إلا وقد بين له. وقيل: أخره إلى حين الحاجة, وإن لم يبين له ذلك. فالبيان متأخر عنه وعن الأمة جميعا. وذلك جائز وإن اخترم قبل أن يترك البيان لتخصيص العام كان فرض الأمة تنفيذه على العموم, لأنه لا شيء يخصه بعد اخترامه, اللهم إلا أن يكون هناك قياس على أصل يوجب تخصصه عند من جوز تخصيص الظاهر بالقياس, ولا يقال في مثل هذا إنه لو مات عليه السلام قبل نزول البيان لكان عاصيا ومفرطا. لأنه لم يلزمه بيان شيء أمسك عنه من حيث لم يبين له ما بينه لأمته. وإن بين ذلك له, وقيل له: قدم بيانه مع الخطاب وعقيبه لم يجز أن يؤخره. وإن قيل له: أخره فقد أوجبنا عليك تأخيره أو أبحنا لك ذلك وتقديمه إن شئت وجب عليه أو جاز له تأخيره,