وفي وقت كذا، هذا كله جار على منهج واحد في الصحة والجواز ولا يجوز إذا بين حكما وحكمين وشرطا وشرطين قبل وقت التضييق مع بقاء وقت متسع إليه أن يقطع على أن قدر ما بينه هو جميع الذي أراد تخصيصه من العام وبيانه من حكم المجمل.
ولا يجوز لقائل أن يقول? إنه إذا بين بعض مراده مع ورود الخطاب أو بعد مهلة وجب العلم بأن ذلك جميع ما أراد بيانه وإلا كان موجبا علينا اعتقاد الجهل في أنه لا شيء بقي يحتاج إلى بيان, لأنه يجب أن يعتقد بتقديم بيان البعض أنه جميع ما أريد بيانه فيكون أمدا لنا باعتقاد الجهل. وإنما يجب تجويز كون قدر ما بينه جميع المراد وتجويز إيراد زيادة على ذلك وورود بيانها قبل وقت التضيق. ولو لزم هذا الذي قالوه للزم اعتقاد الجهل في تأخير بيان مجمله المراد إلى وقت الحاجة مع كون اللفظ عاما. وقد بينا فساد تعلقهم بذلك ودعواه من قبل بما يغني عن إعادته, فبطل ما قالوه.
وقد فصل قوم من الفقهاء من أهل العراق وغيرهم بين جواز تقديم بيان بعض المراد على بعض في العموم والمجمل فقالوا: لا يجوز ذلك في العموم المستقل بنفسه في وجوب استغراق الجنس, لأن اللفظ يقتضي الاستغراق. فإذا بين خروج قدر منه كان ما بقي متناولا لجميع ما بقي, وإذا أراد إخراج شيء آخر منه, واللفظ وما قدم بيانه لا ينبئان عن ذلك وجب اعتقاد عمومه فيما بقي, وذلك إلزام للجهل إذا كان مراده بعضه. وقد بينا فساد هذا القول.