قالوا: وأما المجمل فلا يستقل. فإذا بين بعض مراده به لم يكن للفظ بعد ذلك البيان ظاهر يقتضي أنه لا شيء يراد بيانه إلا ما ذكر. وهذا موافقة منهم في حكم المجمل وخلاف في بيان العام. وقد بينا من قبل إنه والعام سيان, وأنه لا يجب اعتقاد الجهل في العام من حيث توهموا فاستوت الحال فيهما.
ولهذا لم يجعل كثير من أهل العلم قوله عليه السلام لما شئل عن سبيل الحج. فقال:" زاد وراحلة" بيانا لجميع السبيل. وقالوا هذا بيان لبعض السبيل لمن لا يستطيع الحج ببدنه, ولأنه لم يبين- أيضا- حصول الأمن في الطريق وغرامة المال في الخفارة، وتحريم الركون في المسير إلى من لا يؤمن على دماء المسلمين, إلى غير ذلك مما يحتاج إلى بيان وإن لم يظهر ما يشعر بذلك وفرض الحج معلق بحصوله, فصح بذلك ما قلناهم.
وزعم بعضهم: إنه إنما يجب تجويز تقديم بيان بعض المراد بالمجمل وتأخير باقيه إلى وقت الحاجة إذا كان هناك حال وإشعار بأن هناك أمورًا