العلوم بالفقه هي أصول الفقه, وأن تكون الأدلة التي يتوصل بالنظر فيها إلى العلم بأحكام أفعال المكلفين أصول العلم بها, من حيث لم يمكن العلم بها دون حصولها, وحصول العلوم التي بحصولها يمكن النظر في تلك الأدلة على مراتبها, وليس يمكن النظر في أدلة الفقه مع عدم تلك العلوم, ولا يمكن ⦗٣⦘ التوصل بكمال العقل والعلم بالتوحيد والنبوة وما يتصل بذلك إلى العلم بأحكام المكلفين, لو لم ينصب الأدلة عليها من الخطاب في الكتاب والسنة والإجماع والمودع في ذلك من معاينة المعلق بها الأحكام, فيجب لذلك أن يكون ما ذكرناه هو أصول الفقه وسنشرح ذلك ونرتبه على واجبه في مواضعه. إن شاء الله.
فصل آخر يجب العلم به
اعلموا- وفقكم الله- أن الذي يجب البداية بذكر ما هيته وحده وأقسامه ومراتيه"هو" العلم وما يتصل ببابه. والدليل على وجوب هذا الترتيب أن كل ما تنعم فيه مما عدا العلم ويخبر عن حده وماهيته من معدوم وموجود, وقديم ومحدث, وحد ومحدود, ودليل ومدلول عليه, وحكم عقلي وشرعي, وعلة ذلك ودليلة, وعبارة ومعبرة عنه إنما هو ضرب من ضروب المعلومات, وبعض متعلقات العلم, ولن يتوصل إلى تفصيل حقائق المعلومات إلا بعد معرفة العلوم وأقسامها ومراتبها, أو الفرق بينها وبين ما ليس منها, ليعلم المتكلم على بعض تلك المعلومات أته عالم بما يخبر عنه, وأن ذلك الأمر معلوم له.