اللمس, لأن اللمس إنما يقع غالبا دون غيرها من الجوارح وإن كانت موضعا للإدراك, وجميع المدركات لنا إنما هي الأجسام والألوان والأكوان على اختلافها, والكلام والأصوات على اختلافها, والروائح والطعوم على اختلافها, والحرارة والبرودة والصلابة والرخاوة واللين والخشونة والاعتماد. هذه جملة أجناس المدركات. وقد شرحنا هذه الجمل في الكلام في أصول الديانات بما فيه كفاية لمتأمله إن شاء الله.
وإنما وجب القضاء على أن العلم بجميع الدركات ضروري للزومه- مع اختلافه- للنفس على وجه لا يمكن دفعه عنها، على حد ما بيناه من قبل.
فصل
وأما الطريق السادس من طرق الضرورات فهو العلم المبتدأ في النفس من غير درك حاسة من هذه الحواس, وذلك نحو علم العالم بنفسه وما يجده فيها من الصحة والسقم واللذة والألم والميل والنفور والإرادة والأغراض والقوة والضعف, وغير ذلك مما يعلمه الحي إذا وجد به.
ونحو العلم باستحالة اجتماع الضدين، وكون الجسم في مكانين معا, وأن المعلوم لا ينفك من عدم أو وجود, ونعني بذلك أنه لا ينفك من أن