للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ظنوه, ولا يسوغ - أيضًا - لأحد أن يقول إن السكر إنما وجب وتولد عن ذات الشراب, لأنه جسم من الأجسام, والأجسام لا تولد شيئًا, ولأنه لو تولد السكر عن ذات الشراب لكان فعلًا لله تعالى, لأنه فعل الجسم الذي هو الشراب, فإذا لم يحد السكران بسبب كان منه, وهذا يبين في إبطال قول من زعم أن حد السكران إنما وجب عليه لأجل سبب كان منه وأمر أدخله على نفسه.

ولو قيل, إنه إنما حد لشربه ما قد أجرى الله تعالى العادة بفعل السكر عند تناوله لكان ذلك أولى, إلا أن يكون محدودًا على شيء فعله مع العقل لا مع زواله, لأنه شرب وهو عاقل مميز.

فصل

فإن قالوا, كيف يسوغ لكم منع تكليف السكران مع قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ونهيه لهم عن الصلاة في حال السكر, ولا فرق بين أن ينهاهم عن الصلاة مع السكر, وبين أن يأمرهم بها وبغيرها مع السكر, وهذا يبطل ما أصلتم؟

يقال لهم, إذا بان بما قدمناه أن حال المغلوب بالسكر أسوأ من حال النائم والطفل والمجنون, لأنه يبلغ إلى حال لا يفرق فيها بين ذوات

<<  <  ج: ص:  >  >>