المحارم وغيرهن, ولا يكون له قصد ولا تمييز على وجه ثابت بذلك أنه غير مكلف لفعل ولا لاجتناب, ووجب حمل الآية على تأويل يوافق موجب هذه الحجة, ولها تأويلات:
أحدها, إن السكر سكران: أحدهما زوال العقل, وهذا هو الذي يمتنع معه التكليف وتوجيه الخطاب إلى العبد.
ولام, استحسان ما كان يستقبحه الشارب قبل شربه ولا يراه قبيحًا إذا شرب من الطرب والصياح والتصفيق والانخلاع وكثرة الانبساط مع بقاء عقله وصحة تمييزه وعلمه بأنه مكلف وكونه مفرقًا بين الضرب والنفع والخير والشر/ ص ٣٤ وليس هذا من زوال العقل في شيء, وإنما حظر على الشارب أن يقرب الصلاة وهو سكران على معنى حظر شرب يصيره إلى هذه الحال, ولم ينه عن نفس الصلاة, فكنى عن ذكر النهي عن الشرب بذكر الصلاة التي وجب المنع من الشرب لأجل استيفاء حقوقها, وإلا فمن هذه حالة في التمييز مأمور بفعل الصلاة باتفاق, وإنما نهي عن الشرب المؤدي إلى هذه الحال عند حضور أوقات الصلوات, لأجل ما يحدث في الشارب من ثقل اللسان والحرص على استدامة الشرب والتثاقل بالصلاة, وإقامة ما يجب لها من الركوع والسجود والخنوع والخشوع, ومحظور عليه شرب قليل ما يؤدي إلى ذلك وكثيره, إذا كان شرب القليل داعيًا إلى شرب الكثير, وما يؤدي إلى استثقال الفرض وحصول السكر.
فإن قيل: إن قوله تعالى: {حَتَّىَ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} يدل على أنهم لا يعقلون في حال ما نهوا عن الصلاة؟