وزعم نوابت القدرية أنه قد يكون تحت الأمر باجتناب الفعل أمر بفعل ترك ضد له يدخل المكلف فيه فيكون مطيعًا ويكون تحت الأمر باجتناب الفعل أن لا يفعل المكلف الفعل فقط, ويعرى منه من غير أن يفعل له تركًا وضدًا نافيًا.
وهذا باطل, لأن المطالبة باجتناب الفعل لا بد أن تكون مطالبة بأمر يتعلق بالعبد, ويكون به وعدم الفعل, وأن لا يكون من المكلف, وبقاؤه على عدمه ليس بمقدور للعبد, ولا أمر يكون به ويفعله, لأن عدم المعدوم باتفاق لا يتعلق بفاعل ومعدم/ ص ٣٨, وقد أوضحنا ذلك بغير طريق ووجه, قد بيناه في كتب أصول الديانات, وبطل ما قالوه.
ولأنه لو كان من طولب بفعل وأوجب عليه إذا لم يفعله مع استحقاقه وتعينه وتضيق وقته فلم يفعل تركًا له لوجب أن يكون معاقبًا ومذمومًا لا على شيء وأن يكون غير عاص ولا فاعل للقبيح, وهذا خروج عن الإجماع وقد بينا بطلان ركوبهم لهذا في الكلام في استحقاق الذم, وامتناع خلو العبد من الفعل والترك, فبطل ما قالوه.
فإن قالوا: أفليس المباح داخلًا تحت التكليف؟ وليس هو مطلوبًا بالإباحة ولا بتركه؟