مع ذلك كافرًا أو جاهلًا بالله وبرسوله, وأنه تعالى مكلف له فعل ذلك, وهذا الشرط مخصوص فيما يجب أن يكون معلومًا للمكلف إذا فعله متقربًا به فأما ما عداه فلا يجب ذلك فيه, على ما سنبينه من بعد.
وأما وجه اشتراط كون المأمور به مما يصح كونه مرادًا بإرادة مؤثرة في كونه عبادة وقربة نحو كون السجود عبادة له تعالى, وما يفعل من الضرب جزاء وقصاصًا واحدًا ومستحقًا, وكون الصلاة واجبة وندبًا, وأمثال ذلك فهو لأن من العبادات ما لا يصح كونه طاعة وقربه دون القصد به إلى التقرب وفعله له تعالى, نحو ما قدمناه, وهو أكثر العبادات.
والذي يصح كونه طاعة وقربة من غير حاجة إلى إرادة له تعالى به النظر والاستدلال الواقع من العبد في مهلة تكليفه, وكذلك سبيل العلم الأول الواقع لحكم النظر في هذا الباب, ونفس الإخلاص بالعمل والإرادة له به, فإنهما لا يحتاجان إلى إرادة هي إخلاص له, لأنه لا يصح أن يريد وجه الله تعالى وطاعته بالنظر في وجوده وتوحيده من ليس بعارف به, ولو أراده بذلك لكان عالمًا به, ولا يستغني عن النظر في دليل عليه, وكذلك الإرادة له بالعمل, ولو لم يخلص كونهما طاعة وقربة إليه إلا بإرادة له بذلك لاحتاج إلى إرادة للإرادة أبدًا إلى غيرها به, وذلك محال, هذا قدر ما يلزم في صفة فعل المكلف من الشروط.