هذه الأمور، والمراد بذلك أن فعلها أفضل من تركها، لأن في فعلها ثواباً، ولا ثواب في تركها.
والوجه الآخر. وصف المختلف في حكمه بأنه مكروه نحو وصف التوضي / ص ٦٠ بالماء المستعمل بأنه مكروه لموضع الخلاف في جواز التوضي به، ونحو التوضي بسؤر الهر مع القدرة على غيره لأنه أفضل، ونحو أكل لحوم السباع وما يجوز أكله، واتفق علي أن العدول عنه وأكل غيره أولي في أمثال هذا، مما العدول عنه إلي غيره أحوط وأولي وأفضل، وإنما يجب أن يقال في مثل هذا إنه مكروه في حق من رأي أن ذلك لا يجوز ولا يقال أنه مكروه علي الإطلاق، وسيما مع القول بأن كل مجتهد مصيب في فروع الدين، وأن الحق في جميع الأقاويل، وليس من دأب الفقهاء أن يصفوا ما أمرنا به مما ليس غيره أفضل منه ولا ما قطع الدليل علي تحريمه بأنه مكروه، فلذلك لا يجوز أن يقال في شيء من الفرائض والنوافل ولا في المباح المطلق أنه مكروه، ولا يصفون أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وشرب الخمر بأن مكروه لما كان مقطوعاً علي تحريمه.
وقد يقال في الفعل إنه مكروه إذا اختلف في تحليله وتحريمه اختلافاً حاصلاً مع عدم النص القاطع علي أحد الأمرين، بل واقع فيه من جهة الاجتهاد وغلبة الظن. فيقال في مثل هذا إنه مكروه فعله عند من أداه الاجتهاد إلي تحريمه وكان القول بذلك من فرضه، وتجويزه لغيره القول بتحليله إذا كان ذلك من جهد رأيه فيكون ذلك مكروها في حق العالم