قيل له: لأجل أن ما علم من سنة الرسول عليه السلام إما باضطرار أو بطريق الاستدلال فهي التي يعرف بها الأحكام دون أخبار المخبرين عنها. وإنما الخبر عنها طريق لثبوتها إذا كان بصفة ما ذكرنا، وليس يتعلق الحكم بأخبار المخبرين بها. فأما خبر الواحد فإنما نظن أن النبي صلي الله عليه وسلم قد قال ما رواه الراوي، ولا نقطع به، والحكم متعلق بنفس الخبر عن الرسول عليه السلام، وقول الرواة دون قول الرسول عليه السلام، وكيف يتعلق الحكم في مثل هذا بقوله ونحن لا نعلم أنه قال ما روي عنه، فبان أن الحكم المعلوم من سنته متعلق بنفس قوله وسنته، والحكم بما لم يثبت منها مما رواه الثقات، ونظن أنه قاله متعلق برواية الرواة، فافترق الأمران وصار خبر الواحد أصلا يخالف السنة المعلومة.
ويلي ذلك الكلام في الإجماع، لأن حجيته تثبت بعد الرسول عليه السلام وبعد استقرار أحكام الكتاب /ص ٦٧ والسنة، ولأجل أن ثبوت حجته منتزع منهما ومردود إليهما.
فإن قيل: كيف يصح لكم هذا الترتيب؟، وأنتم تتركون ظواهر الكتاب والسنة بإجماع الأمة، ولا تتركون الإجماع بهما.