للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تواضعوا عليه غير ممتنع ولا متعذر عليه سبحانه، فوجب القضاء بصحة ذلك.

وأما ما يدل على صحة وقوع ذلك منهم إن كان محللا أو محرما فلا شبهة فيه، لأنهم يصح أن يفعلوا الحلال والحرام ويجتمعوا عليه إما لداع واحد أو لدواع متفرقة، ولو منعت العادة من اتفاق مثل ذلك من العدد الكثير لم يمنع وقوعه من العدد اليسير، فهذا مما لا إشكال فيه فيكون للشيء اسمان. أحدهما موقف على معناه، والآخر متواضع عليه ويكون أحدهما متواضعا عليه عند أهل اللغة، والآخر واقعا من غيرهم على جهة القياس، ويكون ذلك اسما بالقياس على اللغة لا لأهلها.

وقد اعتل المحيلون للتواضع من الخلق على معاني اللغات بقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأسماء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ} الآية، ولا متعلق لهم فيها من وجوه:

أحدها: إنها ليست بخبر عن إحالة تواضع أهل اللغات على أسماء الأشياء التي علم آدم عليه السلام أسماءها وإنما هي خبر عن أنه علمها آدم ووقفه عليها، وذلك ما لا ننكره، وإنما ننكر قولهم بإحالة المواضعة عليها مع تعليمه آدم إياها ومع ترك تعليمه له لو ترك ذلك، فما الدليل على هذا إذا أوردوه إن كنتم قادرين؟

والوجه الآخر: إنه لم يخبر أنه تعالى وقف جميع الخلق على أسماء الأشياء، وإنما أخبر أنه وقف آدم على ذلك، فلعله مع توقيفه له قد اتفق لأهل كل لغة تواضعهم على مثل ما وقفه عليه أو على كثير منه فما الذي يدفع

<<  <  ج: ص:  >  >>