وقال آخرون: معنى المحكم منه هو الوعد والوعيد والحلال والحرام, وما أجمل وفصل من الشرائع والأحكام. والمتشابه هو القصص والأمثال والسير. وهذا باطل, لا يعرفه أهل العربية في إفادة معنى المتشابه والمحكم.
فأما قوله تعالى {ومَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إلاَّ اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ} فيمكن أن يكون المراد بالواو ههنا/ ص ٧٦ واو العطف والنسق, ويحتمل أن تكون ص ٧٦ استفتاح كلام واستئناف إخبار عما يقوله الراسخون في العلم من الإقرار بخفائه عليهم ورد علمه إلى منزله سبحانه. فإن كان واو استئناف كلام وجب الوقف على قوله تعالى:{ومَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إلاَّ اللَّهُ}. وإن كان واو عطف لم يجب الوقف. والأولى عندنا أن تكون واو عطف من حيث لم يجز أن يخاطب الله العرب وغيرها بما لا سبيل لها إلى علمه.
فأما قول من زعم أن المتشابه ما انفصلت حروفه, نحو: كهيعص وأمثاله فباطل, لأن هذا معلوم معناه. وقد قال كثير من الناس: إن معنى هذه الحروف أنها أسماء السور التي هي أوائلها. وإن لم تكن في اللغة اسما لشيء, إذا جمعت على هذه الصورة. وأصح ما قيل في معناها أقاويل:
أحدها: إن هذه الحروف إنما أنزلها الله عز وجل في أوائل السور كناية يذكرها عن سائر حروف المعجم التي لا يخرج جميع التخاطب عنها,