الإثم على الخطأ من جهة العقل، فحمله على ما يستفاد من جهة الشرع أولى.
قيل، هذا القول عندنا باطل، والعقل لا يمنع من جواز لحوق المأثم والعذاب على ما وقع على جهة النسيان، لما قد بيناه في أصول الديانات.
وأحد ما يدل على ذلك من جهة السمع إخباره عن أوليائه، ومن أحسن الثناء عليهم أنهم رغبوا إليه في أن لا يحملهم ما لا طاقة لهم به في قوله تعالى:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَانَا رَبَّنَا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا ولا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ واعْفُ عَنَّا}. فلو كان العقاب على الخطأ زائلًا من جهة العقل لم يكن للمسألة في ترك المؤاخذة عليه وجه إلا بالرغبة إليه تعالى في ترك الظلم والجور والحيف، والله يتعالى عن الثناء على قوم أجازوا عليه ذلك فثبت ما قلناه.
فإن قالوا: ما أنكرتم أن يكونوا إنما عنوا بالنسيان/ ص ٩٧ ترك الطاعة وبالخطأ إصابة الذنب والخطية، لا ما وقع عن نسيان وعدم اعتماد؟.