فإن قالوا: كيف تقوم الحجة بالقرآن على جميع أهل اللغات؟
قيل لهم: بأن يعلم العقلاء المكلفون منهم أن قريشًا أفصح العرب وأقدر من كل من تقدم وتأخر على نظم الكلام وسائر الأعاريض والأوزان، فإنه عليه السلام تحداهم بمثل القرآن في نظمه وحالهم حالهم في المناكرة والمنافرة والاختلاف والانحراف عنه وما خرجوا إليه من حربه ومسابقته فعجزوا عن معارضته أو معارضة سورة منه، فيعلمون عند ذلك أنه آية له، كما يعلم من ليس بساحر ولا طبيب أن ما ظهر على يد موسى وعيسى عليهما السلام من قلب العصا حية وإبراء الأكمة والأبرص وإحياء الميت أنه عظيمة. وقد بينا القول في ذلك في كتاب "تعريف عجز المعتزلة عن إثبات دلائل النبوة وصحتها على مذاهب المثبتة" بما يغني يسيره إن شاء الله.
فأما تعلقهم بأن المشكاة هندية لا يعرف في اللغة العربية، فإنه قول باطل لأن أصلها الذي أخذت منه ويعود معناها إليه هو الانفراج من المشكاة والشكوى للأمر وللرجل الذي ينفرج بذكرها معيدها ومبدئها. والمتزوج بنشرها وبثها قالوا: ومنه سميت واحدة الأوراق التي يمخض فيها اللبن شكوة. فالمشكاة من الكوة والفرجة في الجسم الحاجز بين الشيء