فصل: واعلموا- رحمكم الله- أن الأصل ⦗١٢٨⦘ في طريق العلم بإبطال جميع هذه الدعاوي على أهل اللغة علمنا بأننا غير مضطرين إلى العلم بصدق الخبر عنهم في هذه الدعاوي وأنه لا دليل على صحة الخبر عنهم بذلك, فوجب القضاء ببطلان كل هذه الدعاوي والأخبار, والقول بأن هذه الصيغة مشتركة بين الدلالة على الأمر وغيره مما ذكرناه إذا وقعت من العاقل القاصد مقترنة بما يدل على قصده إلى بعض محتملاتها. فإن عريت من ذلك وجب الوقف فيها, كوجوبه في جميع الأسماء المشتركة في معاني مختلفة.
فصل: وكل شيء دللنا به على أن الأمر معنى قائم في النفس وأنه أمر لنفسه, وأن معناه وحقيقته أنه اقتضاء الفعل, فإنه دليل- أيضا- على أن النهي معنى في النفس, وأنه نهي عما هو نهي عنه لنفسه, وأن معناه وحقيقته أنه "القول المقتضي به ترك الفعل" وقولنا أنه اقتضاء ترك الفعل واجتنابه والكف عنه بمعنى واحد.
ولا بد أن يكون متعلق المطالبة بأن لا تفعل الفعل مطالبة بفعل ضد له يوصف بأنه كف عنه ترك واجتناب له, ولا يصح أن يكون مقتضى النهي عنه عدم الفعل وأن يكون فاعلا لشيء, لأن عدم الشيء المستدام عدمه لا يصح أن يكون مقدورا ومتعلقا بفاعل بجعله معدوما لما قد بيناه في الكلام في أصول