لقد ذكرت في مبحث صفاته بعض ما أثني به عليه أهل العلم، وسأضيف لما تقدم بعض ما وصفه به العلماء في ترجمتهم له. فالباقلاني - رحمه الله - قام بتثبيت مذهب الأشاعرة، وشارك في تأصيله وانتشاره، فكان أكثر انتاجه العلمي يتصل بعلوم الدين وعقائد الإسلام. فكان تارة يؤصل الأصول ويوضح المذهب، وتارة ينافح عنه من هجوم المعتزلة، ويرد على أصحاب الآراء المخالفة، ويبين زيف عقائدهم، وسيظهر ذلك جليًا في المبحث الذي سأعقده لمصنفاته. ولم يقتصر الباقلاني في دفاعه عن الإسلام من هجوم النصارى، وعن مذهبه من هجوم المعتزلة على التأليف والتصنيف، بل كان يصارعهم وجهًا لوجه في المناظرات. وسنذكر بعض ما ورد في كتب التراجم مما يبين منزلته بين علماء زمانه، ومن ذلك:
١ - نقل القاضي عياض في ترتيب المدارك عن أبي الحسن بن جهضم الهمذاني أنه قال:"كان الباقلاني شيخ المالكيين في وقته، وعالم عصره المرجوع إليه فيما أشكل على غيره".
ونقل عن غيره أنه قال: إليه انتهت رئاسة المالكيين في وقته، وكان حسن الفقه عظيم الجدل، وكانت له بجامع المنصور ببغداد حلقة عظيمة وكان ينزل الكرخ".
ونقل عن أبي عبد الله بن سعدون الفقيه قوله: إن سائر الفرق رضيت بالقاضي أبي بكر في الكم بين المتناظرين".