للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضلال خارجين. ويمكن - أيضًا - أن يكون قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} ليس فيه دلالة على وجوب الطاعة التي يهتدى بها من حيث هي طاعة, لأن مطيعه في النوافل من العبادات مهتد بتصديقها, ومهتد إلى الثواب وطريق الجنة, وإن لم يكن ما فعله واجبًا, فبطل تعلقهم بالظاهر.

واستدلوا - أيضًا - بقوله تعالى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} وقالوا قد اتفق على وجوب الرد إلى ذلك عند التنازع.

يقال لهم: لا تعلق لكم - أيضًا - في هذا الظاهر, لأن قوله: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} أمر بالرد, وهو محتمل للإيجاب والندب, وكيف يدل على وجوب حمل جميع الأوامر على الوجوب, وهو واحد منها, والخلاف فيه كهو في غيره, وإنما ثبت وجوب الرد إلى الله والرسول عند التنازع بالإجماع والتوقيف وأشياء تزيد على الأمر به فذلك ما قالوه وبطل التعلق بالظاهر.

وأما قوله تعالى عقب ذلك {إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} فليس في ظاهره أننا لا نرد إليه إلا ما وجب في دينه, بل نرد إليه وإلى الرسول والعلماء ما اختلف في أنه ندب أم لا, كما نرد الاختلاف في الواجب.

واستدلوا - أيضًا - على ذلك بقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قالوا: فوجب بهذا الأمر والوعيد حمل أمره على الوجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>