ويقال لهم: قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} كناية عن الواحد لا عن الاثنين, وأنتم توجبون حمل أوامر الله سبحانه وأوامر رسوله عليه السلام على الإيجاب وهو خلاف الظاهر.
فإن قالوا: لم تفرق الأمة بين أمريهما.
يقال لهم: فليس في هذا تعلق بالظاهر, وإنما هو تعلق بالإجماع على أنه ليس الأمر على ما ادعوه, لأن كثيرًا من الناس يحمل أوامر الله سبحانه على الندب والقضاء بحسن المأمور به وإرادته فقط, ويزعم أن أوامر الرسول عله السلام على الوجوب لموضع الوعيد الذي تلوتموه على مخالفته, فزال ما ادعيتم.
ويقال لهم أيضًا: قوله (فاتبعوه) أمر, وهو محتمل للواجب والندب, فكيف يستدل به على وجوب سائر الأوامر, وهو أحدها.
ويقال لهم أيضًا: قد زعم قوم أن قوله سبحانه {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} تهديد لهم بركوب الضلال في مخالفته, وذلك لا يكون إلا بترك واجب من إتباعه, وليس يجب ذلك - أيضًا, في ترك كل واجب, لأنه لا يوصف بالضلال والخروج عن الهداية إلا كافر, ولا يوصف بذلك تارك صلاة ولا صيام من أهل الملة فبان بذلك أن هذا الأمر أمر بالإتباع له على جملة الدين وتصديقه فيه.
وإن حمل قوله:{لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} على وجه الترغيب في طاعته, والاهتداء بها إلى ثوابه وجنته لم ينبئ ذلك عن وجوب ما يهتدي به إلى الثواب, لأنه قد يكون واجبًا تارة وندبًا أخرى فسقط ما قالوه, على أن الإتباع له إنما هو امتثال