ويقال لهم: ما أنكرتم أن يكون تقدم أمره لهم بالسواك بإجماع الأمة وجعله لهم مسنونًا دلالة وقرينة على أنه لو أمرهم به أمرًا ثانيًا لم يأمرهم به إلا على سبيل الوجوب, لأنه قد تقدم أمره به على وجه الندب الذي ليس بشاق, فأعلمهم بتقدم ذلك الأمر أنه لو جدد لهم أمرًا لم يكن إلا شاقًا واجبًا لأنه لا جهة للأمر إلا كونه ندبًا أو واجبًا, فإذا علموا أنه قد أمرهم به ندبًا, عقلوا من قوله أنه لو أمرهم به ثانيًا لكان شاقًا, وأنه إنما كان يأمرهم به أمرًا واجبًا زائدًا على حكم الندب.
واستدلوا - أيضًا - على ذلك بقوله عليه السلام لأبي سعيد (بن المعلى) لما دعاه وهو في الصلاة فلم يجبه أما سمعت الله تعالى يقول: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}، وأن عيبه له وتوبيخه إياه على ترك إجابته دليل على أن مجرد أمره على الوجوب.