يقال لهم: ليس الأمر في ذلك على ما قلتم, لأن الشرع قد كان قرر ووقف الرسول عليه السلام توقيفًا علموا به مراده ضرورة في وجوب إجابته إذا دعاهم, وهو أن يقول يا زيد ويا فلان, فإنما علموا ذلك بتوقيفه لا بمجرد قوله: استجيبوا, لأن ذلك أمر منه بالإجابة, وقد تحتمل الإيجاب والندب ولكن بقرائن ولواحق واتباعات وأمارات علموا بها توقيفه ضرورة على وجوب إجابته عند الدعاء, فصار الأمر بهذا الضرب من الأفعال مخصوصًا بكونه واجبًا, فلذلك قال لأبي سعيد: أما سمعت الله عز وجل يقول: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} أي ألست قد وقفتك والأمة على تأويل الأمر بإجابتي عند الدعاء, وأنه على الوجوب فلم يحله إلا على توقيفه على ذلك وليس الأمر بالأفعال والعبارات من دعائه إلى قصده والمصير إليه في شيء لأنه جنس يخالف غيره من الأفعال والسبب في إيجاب لزوم إجابته أنها تعظيم له عند المجيب وغيره ممن يعلم هذه الحال, وفي ترك الإجابة له غض منه عليه السلام وتعاون به, والله عز وجل قد حماه من ذلك وأمر بتعظيمه وتوقيره أمرًا واجبًا.
ويدل على ذلك - أيضًا - أنه لامه وأنبه على أن لم يقطع الصلاة ويجيبه والمضي في الصلاة واجب, فأمره أن يترك المضي في واجب قد تلبس به, ولا يترك الواجب ويجب تركه إلا بما هو أوجب وألزم منه كإخراج الغريق وطفي الحريق وأمثال ذلك مما يجب قطع الصلاة له, وكل هذا يدل على أنه قد وقفهم على وجوب إجابته عند الدعاء وفي ضمن قوله يا زيد أقبل, أو أريد زيدًا,