الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} وقوله: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} في أمثال هذا مما ورد من القول افعلوا للإباحة والندب, وأن الأمة ما تعلقت في حمل هذه الظواهر على الإباحة والندب إلا على مطلقها ومجردها, فهل في ذلك من فصل؟ فإن مروا على ذلك خلطوا وصاروا إلى ضد مذهبهم, وإن قالوا: إنما رجعت الأمة في ذلك إلى دليل متصل بهذه الظواهر أوجب صرفها إلى الإباحة والندب.
قيل لهم: وما ذلك الدليل؟ وكيف لم يظهر؟ ولما ظهر بينهم لم لم ينقل ويذكر كما طالبتم بذلك في قرائن الوجوب ولا شيء يقدرون على نقله في ذلك وأمر ظهر بينهم فيقال لهم عند ذلك, وكذلك قصتهم في حمل قوله {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}{وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى} , وكل ما ذكرتموه من الظواهر, ولا مخرج لهم من هذا على أن أكثر الظواهر التي وردت للوجوب قد اتصل بها مقدمًا عليها ومتعقبًا لها من الوعيد والزجز, والتهديد والتحذير وذكر الفرض والكتابة والإلزام والتخويف من العذاب والنكال وما دل على أن القول صدر على وجه الأمر وعلى سبيل الوجوب فاقترن بقوله:{فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} وذلك بمثابة قوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} وقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية.