فاصطادوا. ليعلمهم بذلك أن السبب المانع من ذلك الفعل هو ما تجدد مما إذا زال عاد الشيء إلى أصل ما كان عليه. هذا هو الغالب، ومع ذلك فلا يمتنع أن يريد بقوله تعالى: فانتشروا، واصطادوا. والأمر بذلك على سبيل الندب أو الإيجاب. ولكن يجب إذا كان ما قدمناه هو عرف الاستعمال أن لا يحمل القول افعلوا بعد الحظر على الأمر إلا بدليل.
فصل: فأما إذا ورد أمر بالفعل بعد الحظر له معللًا كان الحظر ومبتدأ غير معلل، فإنه محال قول من قال: إنه على الإباحة، لأن الإباحة ليست من أقسام الأمر، وهو قد فرض أن الأمر الوارد بعد الحظر أمرًا وسماه بذلك. وهذا نقض وتخليط ظاهر.
فإن قيل: أردنا بالأمر الوارد بعد الحظر القول ((افعل)) بعد تقدم الحظر.
قلنا: هذا غلط في الإطلاق لما قدمناه. وقد بينا أنه لا يجب حمل القول ((افعل)) بعد الحظر على الإباحة.
فصل: فإن قيل: فما حكم الأمر عندكم إذا ورد بعد الحظر؟
قيل له: حكمه عندنا وعند كل أحد، إذا علم كونه كذلك أنه أمر بالفعل. وخارج عن باب الإباحة والإذن. وقد أخطأ الجمهور من الناس في إطلاقهم القول بأنه أمر على الإباحة؛ ومتى صح بالذي وصفناه أن الأمر ليس بإباحة ثبت بذلك أنه يجب إذا ورد أمر بالفعل بعد حظر مبتدأ غير معلل أن يكون محمولًا على أصله ومقتضاه، إما في موجب اللغة أو الشرع فإما أن يكون موضوعه الوجوب أو الندب أو احتماله الأمرين. على ما نقوله فيجب حمله على