السارق وجب أن يكون أمرًا لنا بفعل الأسباب للفَرْي وتفرقة الأجزاء والألم؛ لأن هذا الأصل باطل عندنا لما قام من الدليل على بطلان القول بالتولد واستحالته في فعل الله تعالى، وفعل خلقه وإذا بطل هذا الأصل فسد قولهم إن الأمر بالمسبب المتولد أمر بسببه؛ لأن جميع ما يوجد عند أفعالنا المباشرة من زوال الأجسام واعتماداتها وألم الحي منها وتفرقة أجزائها إلى غير ذلك فعل الله تعالى يحدثه عند اكتسابنا المباشرة في أنفسنا بجري العادة. وليس بشيء من مقدورات العباد على ما قد دللنا عليه في الكلام في أصول الدين. فبطل إلحاقهم ما ادعوه بهذا الباب.
والذي يجب تحصيله في هذا الباب عندنا أن يقال: إن كل فعل للعبد لا يتم وقوعه إلا بعد ((تقدم فعل أخر من أفعاله)) فإن الإيجاب له والندب إليه والإباحة والتحريم له إيجاب وندب وإباحة وحظر لما هو مقدمة وشرط له وقد يجوز أن توجد شروط الفعل ومقدماته، وكل ما لا يصح إلا به من فعل المكلف وإن لم يوجد الفعل نفسه. فلذلك صح وجوب الطهارة على ما لا تجب عليه الصلاة إذا اخترم دون فعلها أو نسخت عنه قبل وقتها, أو قيل له: قد فرضتُ