والناظر في هذا الكلام قد يفهم منه أن الباقلاني يقول بأن كلام الله مخلوق مطلقًا. وهذا منافٍ لما عرف من مذهبه. فالباقلاني يقول بأن الكلام النفسي صفة من صفات الله - سبحانه - غير مخلوق. وأما القرآن المكتوب في المصاحف مخلوق، ولهذا نسب الشيخ أبو حامد الباقلاني للابتداع، ونهى عن الدخول عليه، والكلام معه لأجل هذه البدعة. وأبو حامد معروف بشدة الإنكار على أصحاب الكلام عمومًا والأشاعرة والباقلاني خصوصًا. وكان الباقلاني - رحمه الله - يخرج إلى السوق متبرقعًا خشية من الشيخ أبي حامد لهيبته وعلو منزلته.
وهذا الطعن من أبي حامد ووصفه للباقلاني بالابتداع مع التحذير من الدخول عليه فيه تطرق في الإنكار. وهو أعظم الطعون تأثيرًا، نظرًا لأنه من كبار علماء المسلمين في زمانه، الذين لهم أهمية ووزن علمي.
٢ - أبو حيان التوحيدي المتوفي سنة ٤١٤ هـ.
يقول في كتابه "الامتاع والمؤانسة" عن الباقلاني: "إنه يزعم أنه ينصر السنة، ويفحم المعتزلة، وينشر الرواية، وهو في أضعاف ذلك على مذهب الخرمية، وطرائق الملحدة".
ونقدم على نقض هذا الكلام لمحة عن حال أبي حيان حتى يعرف أنه ممن تقبل شهادته أو ممن ترد.
يقول ياقوت الحموي في معجم الأدباء:"كان أبو حيان مجبولًا على الغرام بثلب الكرام".