ونقل ابن السبكي في طبقاته عن الذهبي قوله:"كان أبو حيان سيئ الاعتقاد، وكان كذابًا قليل الدين والورع عن القذف، والمجاهرة بالبهتان، والقدح في الشريعة، وكفاه ما كان يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح، ويضيف إلى السلف الصالح من الفضائح".
ونقل الذهبي عن أحد العلماء أنه قال:"لم أزل أرى أباحيان التوحيدي في زمرة أهل الفضل حتى صنع رسالة منسوبة إلى أبي بكر وعمر. وقال: إنهما راسلا بها عليًا. قاصدًا بذلك الطعن على الصدر الأول".
ونقل طاش كبرى زادة في كتابه مفتاح السعادة عن ابن الجوزي قوله:"زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الرواندي والتوحيدي وأبو العلاء المعري، وشرهم على الإسلام التوحيدي، لأنهما صرحا ولم يصرح".
وما نقله من الكلام في أبي حيان التوحيدي يجعله مردود الشهادة. فمن يتجرأ على الصحابة وسلف الأمة لا يردعه دينه عن الوقوع فيمن هم دونهم. ومن وصف بالزندقة، فإن كان كما وصف فقد خرج من الدين، ولا يقبل قوله في أحد.
وما وصف به التوحيدي الباقلاني ليس بغريب ولا عجيب إذا علمنا أنه وقع في صحابة رسول الله، وفي كبار علماء زمانه ورعًا وفضلًا، فقد وقع في العالم الجليل أبي القاسم الداركي شيخ فقهاء الشافعية المتوفي سنة ٣٥٧ هـ. وهو من الفضل والورع والوقار مما لا يخفى على أحد، حتى عده بعضهم أنه المجدد على رأس المائة الرابعة. فقال التوحيدي فيه:"أما الداركي فقد اتخذ الشهادة مكسبًا، وهو يأكل الدنيا بالدين، ويغلب عليه اللواط، ولا يرجع إلى ثقة وأمانة، وهو خبيث قليل اليقين".