والجواب الثاني: إنه ليس مدعي هذا بأسعد من مدعي كون موضوعه لفعل مرة واحدة إلا أن يتجوز في إيجاب الدوام والتكرار. وفي تكافؤ كل هذه الدعاوي دليل علي سقوطها.
فصل: فإن قال قائل: لو كان مطلق يقتضي فعل الدوام والتكرار لما كان لقوله افعله دائماً متكرراً معنى، لأن لأول يفيده.
فإن قيل إنما اتبع أمره بذكر الدوام والتكرار علي وجه التأكيد لمعناه، وهذا الكلام بعنين لازم لمن قال إنه مقتض لفعل مرة واحدة، لأنه لو أفاد ذلك لم يكن لقوله افعله مرة واحدة ودفعة لا يزيد عليها وجه.
فإن قيل: هذا يصدر علي طريق التأكيد.
قيل له: مثله فيما قالوه، ولا جواب عن ذلك.
فصل: فإن قال قائل: أفلستم تقولون إن الأمر علي التراخي لا علي الفور. فإذا قلتم إن مطلق الأمر محتمل لمرة واحدة والتكرار، فكيف قولون مع ذلك إنه علي التراخي، فكيف يكون ما يحتمل أن يراد به الدوام والتكرار علي التراخي، وهو إذا كان كذلك يجب بأول وقت، وفي كل وقت بعده إلي حين انقطاع العبادة. يقال: ليس بين هذين المذهبين تناقض، لأننا إنما نقول إ، الأمر علي التراخي إذا علمنا أنه إنما أراد به فعل مرة واحدة أو عدداً محصوراً، وإذا علمنا ذلك ولم يعين وقتاً من وقت جوزنا له تقديم فعله عقيب الأمر، وأن يؤخره عنه. وإذا علمنا أنه علي التكرار ألزمناه ذلك من عقيب الأمر وفيما بعده من الأوقات / ص ١٧٨ إلي حين انقطاع التكليف أو ما يدل علي أنه من أوقات الأعذار. ومتى قلنا إنه متى عدم البيان من الآمر بأنه أراده علي التكرار، وأنه لازم من عقيب