واعلموا أنه لا خلاف في أن تكرر الأمر بالفعل بعد فعل موجب الأمر الأول منه في حمله على التكرار، لأنه إذا قال: اضرب زيدا، فضربه. ثم قال اضربه. فلا شك أنه ليس بآمر له بالماضي من الفعل، وإنما يأمره بإيقاع مثله. وإنما الشبهة والاحتمال يقعان في ذلك قبل الامتثال من غير تغاير وقت الضرب، إذا قال: اضرب اضرب، لأنه يصح قبل إيقاع الفعل أن يكون المتكرر من الأمر به صادرا على وجه التأكيد والإتباع، وأن يكون خارجا عن وجه الأمر بالتكرار.
وليس لأحد أن يقول: ولم لا يصح أن يأمر بالواقع من الفعل بعد وجوده، لأن جواز القول بذلك قول بإيجاب إعادة الفعل على المكلف بشريطه عدمه، أو بأن يفعله مع بقائه إن كان المطالب بذلك ممن يجوز بقاء بعض أفعال المكلف. وقد بينا في الكلام في أصول الدين استحالة تعلق قدرة كل قادر بالباقي الكائن بغير حدوث. وبينا أنه لا يصح أن يؤمر العبد بإعادة الفعل بعد عدمه، من حيث لم يتميز له ويعرفه بعينه، وإن جاز إعادة القدرة عليه.
وأما من أحال إعادة شيء من أفعال العباد الباقي منها وغير الباقي، فلا يسوغ له هذه المطالبة.
وجملة المعتمد في وجوب تكرر مثل الفعل لتكرار الأمر، إذا لم يكن على وجه التأكيد أن من حق كل أمر بالفعل إذا تجرد أن يكون معلقا بمأمور به فإذا لم يرد على التكرار وجب تكرار الفعل بحق كل واحد منهما. ويدل على هذا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا * إنَّ