مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} إنه قال:"لن يغلب عسر يسرين" لأنه عقل بتكرر ذلك العسر المعرف بالألف واللام عسرا واحدا، وبتكرر اليسر منكرا يسرين، فقال لن يغلب عسر يسرين. وقد قيل: إن اليسرين الذين يكونان مع العسر، يسر الدنيا بالفرج وإزالة العسر بعده، ويسر الآخرة بالثواب على الصبر على العسر، والضنك العارض للعبد في الدنيا.
ويدل على ذلك ويوضحه ما عليه الفقهاء من وجوب حمل الإقرارين والوصيتين والطلاقين، وكل ما يتأتى /ص ١٩٣ تغاير موجبه على موجبات متغايرة دون التكرار، ولذلك أوجبوا بقول القائل: له علي دينار ودينار ثلاثة دنانير. وكذلك إذا قال في وصيته يعطي زيدا دينارا. وكذلك لو قال: هي طالق هي طالق وجب عليه تكرار الطلاق، ولا وجه لحمل من حمل ذلك في الوصية والإقرار على التأكيد دون التكرار مع احتمال تغاير موجبه وكون كل واحد منهما متعلقا بمتعلق يستند به لو انفرد عن صاحبه.
فإن قال قائل: فهلا وقفتم في تكرار الأمر، وجوزتم أن يكون المراد به التأكيد دون تكرار أمثال الفعل لكونه محتملا لذلك، كما وقفتم في لفظ الأمر والعموم، وسائر ما أخبرتم باحتماله.