قيل: لأجل أن كل لفظة من تلك الألفاظ لفظة واحدة معرضة ومحتملة للأمرين والأمر الثاني بالفعل قول غير الأمر الأول، منفصل عنه. ولكل واحد منهما موجب غير موجب الآخر. ومتعلق إذا انفرد. والاجتماع لا يخرجه عن ذلك، فافترق الأمران.
فصل: وليس يبعد أن يقال: إن مثل هذا اللفظ يحتمل التأكيد للأمر بفعل واحد، ويحتمل تكرار المأمور به إذا جعل أوامره متغايرة، وإن كان الظاهر أنها أقوال وأوامر متغايرة، لو انفرد كل شيء منها لاقتضى فعلا مأمورا به.
فصل: وقد بينا من قبل إنه لا خلاف في أنه إذا كان أحد الأمرين المعطوف أحدهما على الآخر أمرا بخلاف متضمن الأول. فإنه موجب لفعلين. نحو قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ} وقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} وأمثال ذلك، لأنه أمر بجنسين مختلفين. وكذلك الأمران المعطوف أحدهما على الآخر إذا كانا أمرين بضدين، نحو أن يقول له اسكت وانطق، وقم واقعد، وأمثال ذلك غير أنه لا يرد هذا في الشرع، إلا على مذهب التخيير بينهما، إن كان وقتهما واحدا، ويقدر ذلك تقدير قوله: قم أو اقعد، وانطق أو اسكت.
وإن تغاير وقتاهما حملا على فعلين ضدين في الجنس غير أنهما موجودان في وقتين. وذلك غير متضاد لتغاير الوقتين. وإنما يقع الالتباس،