والوجه الآخر: إنه كان يجب أن يكون عقاب الكافر الذي يفعل القتل والخوض بالباطل, مثل عقاب الكافر الذي لم يفعل ذلك, لأنهما جميعا قد أخرجا أنفسهما بفعل الكفر عن صحة العلم بقبح القتل, وترك الصلاة، وقبح كل قبيح, وفي الاتفاق على تفاصيل عقاب من فعل هذه الأمور على عقاب من لم يفعلها ممن لم يقتل ولم يزن أقوى دليل على سقوط ما قالوه.
ويقال لهم: ويجب- أيضا- على اعتلالكم هذا أن لا يستحق الكافر العقاب على ترك الصلاة, لأنها لا تصح منه مع كفره, ولا على ترك فعل العلم بقبحها لأنه مع الجهل بالله سبحانه وصدق رسله عليهم السلام قد أخرج نفسه عن صحة فعل العلم بقبح ترك الصلاة, لأن قبح ذلك لا يعلم إلا من جهة السمع باتفاق, دون قضية العقل. فإذا جهل خالقه سبحانه خرج عن صحة فعل العلم بقبح تركها. ومتى خرج عن ذلك خرج عن كونه مكلفا للعلم بقبحه, كما أنه لما خرج بكفره عن صحة فعل التقرب بالصلاة خرج عن صحة التكليف بفعلها, ولا جواب عن ذلك.
(وكذلك فيجب على موضوع هذه العلة أن يكون من ترك النظر والاستدلال على التوحيد والنبوة معذورا في ترك المعرفة لذلك، لأنه بترك النظر قد أخرج نفسه عن صحة كونه عالما بما فرض عليه من معرفة التوحيد وصدق النبوة, وإذا أجمع المسلمون قاطبة على بطلان ذلك بطل ما اعتلوا به)
وإذا قال منهم قائل: ما أنكرتم أن يكونوا إنما أرادوا بقولهم لم نك من المصلين أي لم نك من المؤمنين المصدقين بوجوب الصلاة, وإن يجري ذلك مجرى قوله عليه السلام:" نهيت عن قتل المصلين" ولم يرد بذلك النهي عن قتل من