فإن قالوا: إذا قال اضرب ولم يعين له شخصا من شخص، فكأنه قال: اضرب من شئت.
قيل لهم: وكذلك إذا قال: صل، ولم يعين له وقتاً، فكأنه قال: صل أي وقت شئت، ولا مخلص من ذلك.
وإن قالوا: الفعل يختص الزمان، فلا يصلح أن يكون سائر الأزمان وقتاً له، وتخيير المكلف لإيقاعه فيها.
قيل لهم: هذا باطل، لأنه ليس في الحوادث ما يختص زماناً بعينه لما قد بيناه في أصول الديانات. فبطل ما قالوه. بل لو قيل إن الفعل الموقع في المكان يختص المكان، ومحال وجوده مبتدأ ومعاداً في غيره لكان أولى، وذلك هو الصواب لما بيناه في غير هذا الكتاب. وإذا ثبت ذلك لم يجز أن يكون/ ص ٢٣٥ الأشخاص كلها مكانا للفعل الواحد، وإن خير المكلف في فعلها في أيها شاء، فسقط ما قالوه.
وإن قالوا: ما أنكرتم أن يكون للعقل قد عين وقت الفعل، ووجوب تعجيله، والسمع أيضاً من حيث دلاً علي أن الأمر على الوجوب، والواجب لا يجوز تأخيره، لأن تجويز ذلك فيه يدخله في باب الندب.
يقال لهم: ما قلتموه باطل من وجوه:
أحدها: إنه ليس الأمر على ما ادعيتم، لأننا قد بينا قيما سلف إنه لا دليل