في عقل ولا سمع على أن مجرد الأمر على الوجوب فأغنى ذلك عن رده.
والوجه الأخر أنه لو سلم لكم ذلك لم يوجب العقل تقديم فعل الواجب من حيث كان ووجباً. لأن الواجب قد يكون معجلاً ويكون متراخياً ومؤجلاً يكون مضيقاً وموسعاً بوقت ممتد. وقد ينص على توسعته على ما سنشرحه فيما بعد. وإذا ثبت ذلك لم يكن الوجوب موجباً للتعجيل.
والوجه الآخر: إننا إنما نمنع أن يكون موجب اللغة والوضع يوجب تعجيل المأمور به ولم ننكر قيام دليل على ذلك من عقل أو سمع. وإن قام على ذلك دليل قلنا به، ولم يبطل ذلك ما قلناه من أن مجرد الأمر لا يوجب ذلك في اللغة فزال ما قالوه من كل وجه.
وإن قال قائل منهم: ما أنكرتم أن يكون مجرد الأمر بالفعل مقتضباً للفور والتقديم بدليل أنه يقتضي فعلاً واحداً، والفعل الواحد لا يقع في وقتين وإنما يقع في وقت واحد. وقد اتفقت الأمة على أنه إذا قدمه برئت للذمة بفعله. وفعل المأمور به، فوجب أن يكون ما يقع بعده غير المأمور به. وأن يكون غير مجزئ، وأن لا يحل تأخيره.
يقال لهم: ليس الأمر في هذا على ما قلتم، وإن مطلق الأمر يقتضي فعلاً معيناً. وإنما يقتضي إيقاع واحد من الجنس غير معين، فلا وجه لدعواكم تعيينه، وهو بمثابة أن يقال قد أمرتك بفعل ركعة واحدة أو ركعة في يومك هذا وأنت مخير في فعلها/ ص ٢٢٦ في أي وقت شئت من ساعاته. وقد اتفق على صحة أمره على هذا الوجه، ثم لم يوجب ذلك أن يكون المأمور به معجلاً لأجل أنه فعل