واحد، لأنه وإن كان واحداً فهو واحد من الجنس غير معين، وإذا كان ذلك كذلك بطل ما قالوه.
وإن قالوا: قد أجمعوا على أن المقدم منه واجب مأمور بهو فوجب أن لا يكون ما يقع في الثاني مأمور به.
قيل: إجماعهم على أن الأول به ليس بدال على أنها بعده ليس بمأمور به. وخلاف من خالف في ذلك غير قادح فيما قلناه، لأنه مخطئ فيه، ولو كان ما قالوه واجباً لوجب أن تكون الكلمة والركعة واجبة بأول النهار وإن جعل له في ذلك الخيار لإجماعهم على أنه إذا قدمها في أول النهار كان مؤدياً للواجب، ولما فسد هذا باتفاق سقط ما قالوه.
ومما يدل على ما قلناه أيضا اتفاقهم على أن الخبر عن إيقاع الفعل من المخبر أو غيره لا يتضمن. توقيت وقوعه وتعجيله، وإن تأخر كان الخير كذباً، وكذلك الحالف ليقومن وليضربن لا يتوقت عليه تعجيل للفعل إذا لم يوقته. وإذا فعله ولو بعد أعوام برئ من حكم اليمين. فكذلك الحاكم بإيقاع الفعل من حيث لا يمكن الفصل بين الخبر عن وقوعه والأمر بذلك.
ويدل على ذلك - أيضاً - أن مدعي اقتضاء الأمر للفور في حكم اللغة يحتاج إلى توقيف منهم، ونقل له عنهم يحج مثله وقد بينا في غير فصل سلف تعذر نقل توقيف على هذه الدعوى وأمثالها، والجواب عن عكس للمطالبة بأن ننقل نحن عن أهل اللغة بأن الفعل على التراخي بما ينبه على الجواب.
ويدل على ذلك - أيضا - أن لو كان مجرد الأمر يقتضي الفور والتعجيل لوجب أن يكون ما يقارنه من الدليل على أن لنا تأخيره، أو على توقيته بوقت معين مخرجاً له عن حكم مقتضاه، وأن يكون أمراً على وجه المجاز. وذلك باطل باتفاق. وقد بينا في فصول الخطاب في الحقيقة والمجاز أن كل قرينة