فقط، وما عداه من للصلاة وغيرها يحتاج على فعل النظر، وإلى المعرفة والعلم بالنبوة، وما لا تصح الصلاة إلا به مما يكثر تعداده. وإذا لم يجب ذلك بإجماع سقط ما قالوه.
وقد بينا فيما سلف أنه لا يصح تفاضل الأمرين الموجبين لفعل واحد أو لفعلين في تعلقهما بالمأمور به، وأنهما يتعلقان به على وجه واحد كتعلق القدرة والعلوم، ولأن تعلقهما إن تعلقا بفعل واحد أو اثنين إنما هو إيقاع الفعل، وإيقاع الأفعال لا يصح التزايد والاختلاف فيه. فلم يكن للقول واجب أوجب من واجب، وسنة أكد من فعلى نفل من المعنى إلا ما ذكرناه.
فصل: فإن قيل: فأجيزوا صدقا أصدق من صدقه وكذبا أكذب من كذب، قياسا على صحة واجب /ص ٢٦٢ أوجب من واجب.
يقال لهم: هذا باطل، لأن صادقا وكاذبا مشتق من الصدق والكذب القائمين بالموصوف بهما. والصدق والكذب كلام، لا يصح أن يصدقا ويكذبا حتى تقوم المعاني بهما. فبطل ما قالوه.
ولأن الصدق إنما هو الخبر عن الشيء على ما هو به. وكل خبر عنه على ما هو به فهو متناول له على حد تناول غيره له كذلك. وكذلك الكذب إنما هو خبر عنه على خلاف ما هو به. والاختلاف في هذا التعلق لا يصح، فافترق الأمران.