يستحق به الاسم، وما زاد على ذلك محتاج إلى دليل لما بيناه من أن الأمر بالفعل لا يقتضي الدوام والتكرار، وكذلك لا يقتضي الإطالة والمداومة عليه، وإنما يجب الخروج من الواجب بأقل ما يتناوله الاسم.
ويدل على ذلك - أيضًا - إن ما زاد على قدر ما يتناوله الاسم فإن للمكلف تركه لا إلى بدل ينوب منابه، ولا على أن يفعل مثله فيما بعد، وهو مثاب بفعله. وهذه صفةً الندب، والفرق بينه وبين الفرض، وهو أنه مثاب فاعله وله مع ذلك, تركه لا إلى بدل يقوم مقامه، ولا على أن يفعل مثله من بعد / ص ٢٦٥ فوجب أن تكون الإطالة والمداومةً نفلًا غير فرض. ويبين هذا إنه لما كان صيام جميع الشهر وجميع أجزاء اليوم مستحقًا واجبًا وجب بترك البعض منه. فكذلك لو وجب إطالة القراءةً والركوع والسجود للزم الذم بترك ذلك. وهذا باطل.
فأما من قال: إن ذلك واجب، فقد زعم إنه وإن كان واجبًا، فإنه مخير بين فعله وتركه. وقوله بالتخيير فيه، وأن له تركه بغير بدل، ولا على أن يفعل مثله فيما بعد هو الذي يوجب كونه نفلًا، على ما قلناه.
ويقال لمن قال ذلك: لم قلت إن الزائد على قدر ما يتناوله الاسم واجب كوجوب الابتداء المستحق به الاسم؟
فإن قال: لأنه لما لم يخص قدرًا منه وجب من جميعه واجبًا. وكان بمثابة قول من قال لوكيله وغيره تصدق من مالي في أن له التصدق بأقل ما يستحق به اسم متصدق من الدانق والدرهم، وله التصدق بالألف وما زاد عليها.
يقال له: الخلاف في هذا واحد، فما أنكرتم أن لا يكون للمأمور بذلك إلا التصدق بقدر ما يستحق به الاسم وأن للآمر منعه مما زاد على ذلك. وقد يمكن