للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يفرق بين الأمرين بأن العادةً في الآمر منا بالصدقة أنه إذا أراد التصدق بقدر منه معلوم محلول خصه بالذكر وقدّره وحدّه? وأنه متى عدل عن ذلك فقد أطلق للمأمور التصدق بما شاء من ماله. وليس مثل هذه العادةً في أوامر الشرع فافترق الأمران.

فإن قالوا: إذا اتفقنا على أن ابتداء الفعل واجب وجب أن تكون الإطالة فيه ((والثبات عليه واجبًا كهو)) كان ذلك باطلًا من الاعتلال، لأنه إنما أوجب الابتداء لموضع المنع من تركه ولحوق الإثم فيه، وليس كذاك الثبات عليه، لأن له تركه بغير شيء يقوم مقامه، ولا على أن يفعل مثله من بعد، فافترق الأمران.

وقالوا - أيضًا - قد اتفق على أنه لا يجوز أن يكون بعض الركوع والسجود المفروضين فرضًا وبعضه نفلًا، فوجب كونه فرضًا كله. وهذا باطل، لأن الركوع والسجود الواجبين لا يكون منه لعمري واجب ونفل، ولكن الواجب منهما أقل ما يتناوله الاسم، وما زاد على ذلك - وإن سمي مع قدر الواجب ركوعًا وسجودًا - فليس بواجب بل نفل. فلا وجه لدعوى الإجماع على أنه لا يجوز أن يكون من الركوع والسجود واجب ونفل، كما أنه لا وجه لدعوى من ادعى / ص ٢٦٦ أنه لا يجوز أن يكون في صلاة الظهر فرض ونفل. وإذا كان ذلك كذلك صح ما قلناه. ومع هذا فلا يمتنع أن يقرر الشرع ويوقف الرسول -عليه السلام- على وجوب أقدار زائدةً على ما يتناوله الاسم بقوله ولفعله، وما يكون من بياناته، وإنما ينكر الإيجاب لذلك بمجرد الإيجاب للفعل ونفس الأمر به، فلذاك قال أكثر الناس إنه لا يجب من الركوع والسجود أكثر من قدر الجزء الأول. ومن القراءةً أكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>