ولأنه لا يخلو الأمر منا لغيره إذا لم يعلم أنه يبقى أولا يبقى من أن يكون ما تقدم منه للمأمور إذا مات قبل بلوغ الوقت الذي أمره بالفعل فيه من أن يكون أمرًا له بالفعل، (فإن مات قبل بلوغ الوقت الذي أمره بالفعل فيه) أو أن يكون غير أمر له بشيء، إذا حصل موته قبل الوقت? وهذا باطل بإجماع الأمة وأهل اللغة، على أن ما تقدم من الأمر لعبده أمر له بالفعل، وأنه إذا عزم على فعله عزم على فعل طاعة. وإن عزم على تركه عزم على عصيان الأمر. فلو لم يستقر عليه أمر لم يجز القول بشيء من ذلك، فثبت بهذا أتنه أمر له بشريطةً أن بقي، وكان على صفة من يلزمه التكليف. (لأنه إذا لم يجز كونه أمرًا له بشريطةً أن بقي). وهذا واضح لا إشكال فيه.
وقد فصلت القدرية بين جواز أمرنا لغيرنا بهذه الشريطة وبين جواز أمر الله تعالى لغيره بها، بأن ذلك إنما جاز وحسن منا لتجويزنا وجوده بهذه الشرائط وتجوزينا أن لا يحصل، والله جل ذكره لا بد من كونه عالمًا بأنها حاصلةً وقت الفعل، أوبأنها غير حاصلةً، فلا وجه إذا كان ذلك كذلك لحسن اشتراطه ما يعلم أنه يوجد لا محالةً أو لا يوجد.
وهذا باطل، لأننا قد بينا أن ذلك صحيح جائز منه تعالى / ص ٢٧١ ومنا إذا لم يعلم المكلف أنه يبقى أولا يبقى لصحة امتحانه مع تجويزه لذلك بفعل العزم على أدائه أو تركه.
ولأنه لا يمتنع أن يكون عالمًا بأنه إذا أمر زيدًا أن يفعل فعلًا في المستقبل بشريطه بقائه، لأن علم أنه لا يبقى لطفًا له في فعل ماعدا ذلك المأمور له من الطاعات المعجلة اللازمة له قبل ذلك الوقت? ولطفًا لغيره من المكلفين في فعل