بشيء، وأنه قد وجب عليه، أو على غيره من الأمة بشيء في المستقبل وقبل إيقاع الفعل وإنه إنما يعلم المكلف أنه مأمور بما فعله وواجب ذلك عليه بعد إيقاعه والفراغ منه أو بمضي وقته.
قالوا: لأننا لو علمنا أننا إذا (أمرنا) غيرنا من العقلاء. وغيرنا من العقلاء مأمورين بفعل شيء في المستقبل لعلمنا قطعًا أننا نبقى أحياء عقلاء قادرين إلى ذلك الوقت لعلمنا بأن الله سبحانه لا يأمرنا بشيء في المستقبل ثم يمنعنا منه بموت وإزالة ما يصح معه التكليف، أو ينهى عنه لنا عن فعله بعد الأمر، وإنما ينفرد الله تعالى بالعمل بأنه مأمور بالفعل في المستقبل إذا علم بأنه يبقيه / ص (٢٧٥) بصفة المكلف إلى حين وقته، فأما الخلق فلا يعلمون ذلك لتجويزهم إخترام المكلف قبل الوقت. ومتى اخترم أو عرض له عارض يزيل التكليف علم أن ما قيل له افعله قبل موته لم يكن أمرًا على وجه. وهذا خلاف دين جميع المسلمين.
والذي يدل على فساد قولهم ما قدمنا ذكره من اجما ع الأمة على خلاف قولهم.
ومما يدل على ذلك - أيضًا- أنه لو كان الأمر على ما قالوه لم يصح لأحد من المكلفين أن ينوي ما يدخل فيه من صلاةً وحج وصيام فرضه الله واجبًا عليه، لأنه لا يعلم بعد إحرامه بالصلاة والحج أنه يبقى إلى حين الفراغ منهما، بل يجوز اخترامه قبل ذلك فيجب أن لا يصح منه أن ينوي أن شيئًا من ذلك واجبًا عليه ومؤدى به فريضةً تلزمه. وكذلك فليس على وجه الأرض مكلف يعلم أنه قد نهى عن القتل والربا والسرق وشرب الخمر في مستقبل أيامه، أو يصح منه