لذاك أمرَا لأبه إذا وجد وأمرًا به قبل وقوعه- وقد قيل: إن أمر المحدث المتقدم الذي هو أمر بأن يفعل الفعل فيما بعد هو نفس الأمر به إذا وقع، لأنه أمر به أن يفعل فيما بعد والأول أولى /ص ٢٨٢ بالصحة. لأننا نقول إن أمر المحدث المتقدم يفارق المأمور به، ومحال أن يكون متقدمًا وباقيًا إلى حين حدوث الفعل، فوجب أن يكون أمر المحدث المتقدم غير أمره المقارن له، إن كان جدد أمرًا به، وليس يبعد أن يجدد ذلك، ويعلم المأمور أن أمره المتقدم أمر بأن يفعل الفعل فيما بعدم ويوقعه إذا وقع لأن أكثر من يأمر بالفعل في المستقبل لا يجدد بالواقع في وقته أمرًا ثانيًا.
فأما أمر الموصي إليه بالقيام بسبيل الوصية فإنه لا شك أمر ثان بفعله ذلك إذا مات وعدم. وأمر ثان فاعلًا له في حاله، لأنه من المحال أن يجدد الميت والمعلوم أمرًا بالواقع الذي كان أمرًا به قبل موته.
فصل: فأما إيجابنا كون المتقدم من أوامر الخلق متقدمًا بوقتين فصاعدًا فهو لأجل أنه لابد ضمن سماع المكلف للأمر واستيفائه لإدراكه، ثم تأمله عقيب حال سماعه بلا فصل، واستدلاله بعد الفراغ من سماعه على ما هو مطلوب به ودلالة عليه، ولذلك لا يتم به في حال حدوثه، بل لابد من تأمل له عند الفراغ من سماعه? فيجب أن تكون حالة لاستماعه وحالة لتأمله والاستدلال به وحالة لإيقاع الفعل? فوجب لذلك إعدامه إذا كان متقدمًا، وكان محددًا بوقتين فصاعدًا. هذا ما لابد منه