عن الضدين والانفكاك منهما مع علمه باستحالة ذلك. كما لا يجوز أن يقال إنه يعلم المصلحة أو المفسدة في الجمع بينهما، أو في الإقدام عليهما مع العلم باستحالة ذلك.
وأما نحن فإنما يجوز أن يعلم الله سبحانه أن فعل جميع المتضادات التي لا ينفك المكلف من سائرها مفسدة له، وأن جميع تصرفه المتماثل منه والمختلف والمتضاد مفسدة له، وداع إلى مخالفة أمره وإن صح خلقه وإكمال عقله وضرب التكليف عليه، وإن كان يعلم أن جميع ما يقع منه مفسدة. وقد بينا هذا في أصول الديانات، فلا اعتبار عندنا بهذا الباب.
ومن أجاز من أصحابنا في حكم الله تعالى وعدله تكليف ما يستحيل وقوعه لا يحيل في صفته/ ص ٢٩٩ تكليف الغافل الإقدام على اكتساب الضدين معًا وتكليفه - أيضًا - الخروج عنهما، وإن استحال ذلك منه.
فصل: وقد أحال أكثر المعتزلة خلو المكلف من فعل الضدين الذين لا واسطة بينهما، وخلوه من جميع ماله وسائط من الأضداد.
وزعم ابن الجبائي أن للقادر منا حالتين (حالة) يصح أن يخلو فيها من الأفعال المتضادة التي هو قادر عليها، وغير ممنوع منها، وحالة لا يصح خلوه فيها من فعل بعض الأضداد التي في قدرته. قال: فالحال التي يصح فيها خلوه من المتضادات حال استلقائه على الأرض واستناده. والحال التي لا يصح