للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك فيها هي التي يكون فيها قائمًا أو ماشيًا ومنقلبًا ومنصرفًا. وقد دللنا في الكلام في الأصول على استحالة خلو القادر على الفعل وضده الذين يصح وقوعهما منه على البدل منهما بطرق منها:

إن الدليل قد دل على أن الاستطاعة مع الفعل محال خلو القادر منا من غير مقدوره. وبأن ذلك لو صح في المحدث لكان في القديم أولى. ولصح منه تعالى أن يخلي الجواهر من سائر المتضادات من الأكوان وغيرها مع احتمالها، وذلك يؤدي إلى قدمها، بغير هذا من الطرق، فبطل ما قالوه.

فصل: وقد زعم بعض أصحابه أنه إذا صح خلو القادر على الفعل وضده منهما في بعض الأحوال صح وجاز أن يعلم الله سبحانه أن جميع ما يقدر عليه من المتضاد مفسدة، وداعي إلى القبيح، ووجب في حكمته تعالى نهيه له عن فعل شيء منها والتزامه الخروج عن سائرها. لأنها إن أمره بفعل بعضها أو أباحه ذلك وجب أن يكون أمرًا أو مبيحًا للقبيح. وذلك ينقص حكمته.

قال: فأما إذا كانت حاله حال لا يجوز فيها أن يخلو من سائر مقدوراته المتضادة لم يصح أن يكون المعلوم من حال مقدوراته إن جميعها مفسدة وقبح من فعله. لأنه لو اتفق مثل هذا في المعلوم لوجب أن لا يصح انفكاك المكلف من فعل القبيح. ولوجب أن يذم بفعل بعضه إذا وقع منه، ولا يذم لوجوب كونه غير منفك منه.

قال: ولما كان كل فاعل للقبيح مستحق عليه الذم علم أنه لا يمكن أن يكون/ص ٣٠٠ منه مالا يصح خلو المكلف منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>