فأما نحن فإننا نقول: إن الأضداد أو بعضها إنما تقبح بحكم الله سبحانه بقبحها، لا لكونها في معلومه على صفة تقتضي قبحه فلا نحتاج إلى هذا التفصيل.
ونقول - أيضًا - إنه لو اتفق أن يكون جميع مقدورات المكلف المتضادة مفسدة قبيحًا لجاز في حكم الله سبحانه أن يطلق له فعل الواحد منها، ويكون بذلك حكمًا فيصح لذلك النهي عن فعل جميعها أو إطلاقه لجميعها، ولا اعتراض عليه في شيء من ذلك.
فصل: فإن قال قائل: فإذا كان المكلف لا ينفك من بعض مقدوراته ومن الفعل وتركه. فما تقولون فيمن دخل زرع غيره، ومن جلس على صدر غيره، ومواضع أنفاسه، وفيمن أولج في فرجٍ حرام، وكان لبثه على ذلك واستدامته له فعل حرام، لأنه مؤدي إلى التلف، وقيامه عن صدره ومواضع أنفاسه مضرة ومؤلم ومخوف عليه، لأنه لا يقوم عنه إلا باعتماد وعلاج لعله أن يكون متلفًا أو مُمرضًا. وكذلك إن استدام أكوان آلته في الفرج كان زانيًا أثمًا وراكبًا لمحرم. وإن فعل الإخراج كان بذلك ملتذًا وفاعلًا لحركات وأكوان محرمة. وإن أقام على زرع غيره أفسده، وإن خرج عنه أفسد ما يمشي عليه وأهلكه. فمقامه محرم وخروجه محرم. فيجب على هذا أن لا ينفك من هذه صفته عن فعل حرامٍ. وأن يكون من لزمه ووجب عليه فعل الحرام. وأن يكون بذلك مقدورًا بفعل العصيان إذ كان لا ينفك منه، ولا يجد السبيل إلى الخروج عنه.
يقال له: إن من هذه حالة فلا شك أنه لا ينفك من فعلٍ مضر بغيره في جلوسه ونهوضه على وجه مخصوص، وإن كان فيه ألمًا وضررًا بالغير. وكذلك حال المأمور بمفارقة الإيلاج بالإخراج. وإن كان ملتذًا بذلك، فإنه واجب عليه، وحرام عليه استدامة المقام له على ذلك. (ولكنه مأمور بفعل ذلك والخروج منه بشريطة قصد التخلص منه وترك الإضرار واستدامة/ص ٣٠١ المعصية بالمقام على